Jul 18, 2008

عودة إلى هامش الصفحة


قبل ست سنوات من الآن كُنتُ أقبع داخل الصفحة...


صفحة من ضمن صفحات عديدة داخل كراسة صغيرة رُسِم على غلافها بيت ريفي جميل على يمينه تله خضراء يقف خلفها قوس المطر بألوانه الزاهية.


سُكان هذه الكراسة كانوا حريصين جداً على إظهار ولائهم لكراستهم العزيزة فعملوا على الالتزام بقوانينها داخل صفحاتهم تلك القوانين كانت تفرض عليهم صبغ أنفسهم بألوان قد حددت لهم من قبل..فاللون الأزرق يصبغ به الصبيان والوردي تصبغ به الفتيات والأخضر للرجال والأصفر للنساء.



لازلتُ أذكر اليوم الذي صبغتني والدتي فيه باللون الوردي..في ذلك اليوم أخبرتها عن رغبتي في أن تصبغني بأي لون عدى هذا اللون فضحكت ووعدتني أنها في يومٍ ما ستصبغني باللون الأصفر..أخبرتها عن رفضي لهذه الألوان فغضبت مني وطلبت مني أن التزم بما يقتضيه قانون الكراسة ورغم أني في ذلك الوقت لم أفهم مالذي يعنيه ذلك القانون إلا أنني كنت في داخلي العنه في اليوم أكثر من مائة مرة لأنه كان يكتم أنفاسي بقوانينه الغبيه.



كنت في كل ليلة أرتمي في حضن سريري وأخفي وجهي داخل وسادتي فأبللها بدموعي حتى تغرق وأغرق معها , تلك هي طريقتي في دفن أحزاني.


حتى جاء ذلك اليوم الذي اعتقدت فيه أن أحزاني ستنتهي.....


في ذلك اليوم قفزت خارج الكراسة و اغتسلت بمياه النبع حتى طهرت جسدي من طلائهم الوردي.


كنت اعتقد أنني حينما أتحرر من قيودهم...أغدو سعيدة وها أنا اليوم تعيسة تعيسة.. أدفع ثمن تلك الخطيئة...ليتني لم أغتسل بمياه النبع ليتني قبلت قوانين الكراسة فلربما عشت سعيدة في قلب الصفحة..


لكن..الآن... قلب الصفحة لم يعد يقبل بي ولا أنا أقبل به...أصبحت بيني وبينه كراهية وعداء شديد...لم أعد نقطة ساذجة مطيعة كبقية النقاط التي يحتويها..


أنا اليوم نقطة متمردة وحيدة..لوني لا يشبه أحد....لا بيت لي أؤوي إليه..لا قلب الصفحة ولا حتى هامشها الذي أرتضى بالأمس أن يؤويني..أصبحت حتى أهرب منه!! أريد أن أهرب..أن أبتعد عن أشعة الشمس التي باتت تحرقني...أريد أن أهرب إلى ظلاٍ يؤويني..ظل..يمنحني القدرة على أن أتحدث دون أن أتألم....ظل..أجد فيه من يفهم كلماتي ولا أسمع فيه فقط صدى صوتي...


لكن يبقى الظل مجرد حلم..وتبقى الهوامش قدري الأزلي الذي أحاول الهرب منه..حتى الحكاية التي كنت أنوي سردها اليوم عليكم أصبحت أتهرب منها..لم أعد قادرة على فعل أي شيء فالأمطار الساخنة أصبحت تنهمر على وجهي بغزارة لذا...سأبقى خارج الصفحة وسأترك الهوامش تحكي لكم الحكاية...حكاية تحكى في "12هامش"




هامش (1)




بجوار بيتنا
حصنٌ يقال انه منيع
يسكنه سلطانٌ غليظ
يرفع السوط على الرعية..ليل نهار..

يردد مقولته الشهيرة
"
القول قولي والرأي رأي
وأنتم يا هؤلاء لي تابعون"
من يخالفه الرأي يقذف به في الزنزانة
ومن يعصيه ينادي بعزرائيل ليقتص منه

ما هكذا الإمارة يا هذا
ولتتقي الله في الرعية
وتلزم السيرة النبوية
أمشي على خطى المصطفى لتطاع
قدر المستطاع


هامش (2)




حينما كنا في ساحة الحوار
تركني
وأسرع إلى السوق
وعاد إلي مهرولا ببضاعة
قذف بها في وجهي
وقال:
لقد قال فلان بن فلان...
هذا هو البرهان وبه ينتهي الجدال
ولترفعي شعار الاستسلام

نحن لسنا في عراك يا هذا
حتى أرفع لك الشعار
ثم هلا تأملت البضاعة
فقد تكون بضاعتك جيدة
لكنها ليست بسليمة حينما تخطيء المقام
أليس هذا بخطأ جسيم يعاقب عليه الأنام




هامش (3)





بالأمس....
كانت تقف هناك
ورقةٌ خضراءُ يانعة
في غصن شجرة جرداء عارية
أعجبني نضالها
وعشقت كفاحها
وحينما بدء يدب في قلبي الأمل
أسقطوها
وداست عليها أقدامهم
ترى....
أيكون هذا جزاء الإحسان
يا من تدعون أنكم أهلاٌ ل الإحسان

هامش (4)




Don't you know that……
You can stop a child from walking just when you start laughing at his first steps
Don't you know that…….
You can kill an artist just when you tell him that you don't like the colors he has chosen
Don't you know that……
You keep on saying "people you are useless" and you are the useless pathetic one


To a useless teacher
Hopefully you'll know what you have done to us



هامش (5)




:


:جريمة شنيعة......


الاغتراب وسط عقلائهم






.


.


.









هامش (6)




:


:



:الصمت = الموت
النطق = الكفر فالموت
كلاهما يؤديان إلى طريق واحد فأيهما تختار؟؟؟


.


.


.








هامش (7)







"هنالك فئة من البشر تشكل الحقيقة لديهم حافزاً للبحث. هذه الفئة
لا تريد التفسيرات السطحية أو الإجابات السريعة بل تريد الغوص
في ماهية الأمور مستعينة بأدوات كيف ولماذا بحثاً عن الإجابة"

منذر قباني







.


.


.









هامش 8




My dear Joan
You are a unique person
A genius
You have accomplished a lot of great things
My dear Joan
Take a friend's advice. Leave well alone
Before they come to kill you








هامش (9)





انسلخوا من سوادهم
ليدعوا البياض التام
فماذا كانت النتيجة
صبغوا بالرمادي
ولازالوا ينشدون
أنشودة البياض







.


.


.


.


.


.
























هامش (10)







دعكم من النظر في المرآيا
فما يحدث لنا بالتأكيد
هو مؤامرة
ولتحيا نظرية المؤامرة


.


.


.


.


.


.


.





.






.هامش (11)




أجسادنا مزقت


قلوبنا حطمت


دمائنا نزفت



ترى هل برحيلنا إلى أرضٍ أخرى...إلى بحارٍ أخرى


ترحل عنا هذهِ الأحزان والجراح


ويقذف بها في عالم النسيان


أم أن أحزاننا وجراحنا ستبقى رفيقنا


تطاردنا حيثما كنا وأينما حللنا


لتذكرنا بمرارة هذا الزمان











هامش (12)




"كُلُّ المبدعينَ الكبارْ


كانوا في حالة صدامٍ مع العَالَمْ.


من كافْكا،


إلى فان كُوخْ،


إلى صاموئيل بيكيتْ


إلى سيلفادور دالي


إلى عُروة بنِ الوردْ


والذينَ لا يصطدمونَ بشيءْ..


لا يُبدعونَ شيئاً"...


نزار قباني


هوامش صوت أنثى






blog comments powered by Disqus