Jan 21, 2010

تسأولات حول الجرائم الجنسية..وقضائنا

في كل مرة نتحدث فيها عن مظاهر تقدم وتطور الحضارة الغربية سواء في المجال العلمي أو التقني أو الإقتصادي أو في مجال حقوق الإنسان نجد أن هنالك من يلجأ إلى الحديث عن الإنحلال الأخلاقي هناك وقد يكون ذلك عبارة عن حيلة دفاعية يلجأ إليها الشخص للتعويض عن شعوره بالنقص لعدم تفوق الشرق "النحن" أمام الغرب "الآخر".
وأنا هنا لا أتعمد تقديس الغرب ولا الإنتقاص من الشرق وإنما أشرح ذلك من وجهة نظر نفسية. والطريف أن هذا التركيز على الإنحلال الأخلاقي لا يكون مكثف جداً إلا حينما نناقش قضايا المرأة و الإختلاط وأضراره ,
وبالرغم من أننا مجتمع محافظ جداً لا يسمح بأي مظهر من مظاهر الإختلاط إلا أنه في الأونة الأخيرة أصبحنا نعاني من خلل أخلاقي وأعني بذلك الجرائم الجنسية التي تنشرها الصحف المحلية والإلكترونية بشكل شبه يومي, والذي ساعد في إنتشار هذه الجرائم بكثرة هو الخلل القضائي.
فحتى الآن لم يتم تقنين القضاء وسن عقوبات صارمة لمرتكبي هذه الجرائم بل حتى إنه لا يوجد لدينا تصنيف ودرجات لهذه الجرائم!
فالقضية تعرض على القاضي والقاضي هو من يقرر مدة العقوبة دون مراعاة لمقدار الضرر النفسي والإجتماعي على الضحية بل حتى عمر الضحية غير مهم وخير دليل على ذلك هو قصر مدة العقوبة في القضايا التي قرئنا عنها في الصحف.
- إحدى الصحف نشرت قبل عدة أيام خبر الحكم بالسجن لمدة عامين على جاني أعتدى جنسياً على طفل في الثامنة من عمره والمصيبة أن الطب أثبت ذلك, أي أن التهمة ثبتت على الجاني لكن القضاء حكم فقط بعامين!!
وﻻ أعرف هل يعتبر الإعتداء على طفل قاصر أمر بسيط جداً بحيث أن مرتكبه لا يستحق سوى سنتين؟ وهل سيتعافى ذلك الطفل من أثر تلك الحادثة عليه؟ وإن كانت عقوبة الإعتداء جنسياً على قاصر غير صارمة فبالتأكيد أن عقوبة الإعتداء على شخص بالغ أهون وبالتالي مدتها قد تكون أقل , والآ يعتبر تخفيف العقوبة عامل مساعد لتكرار الجاني لجريمته؟
- قضية أخرى عرضت قبل حوالي عام على قناة الإخبارية عن قصة فتاة تبلغ 15 عام أغتصبت وهي تحت تأثير المخدر من قبل شخص ركبت معه برفقة سيدة أقنعتها بحسن نواياه وأنه ينوي التقدم لها وأنتهت قصتها في دار الرعاية.
طبعاً القضية عرضت لآخذ العظة والعبرة فقط ولم يتم التطرق لها من ناحية قانونية لا أعرف لما؟ هل لأنها صدقت تلك السيدة وقابلت الجاني وبالتالي أصبحت أشد جرماً منه؟ ولما زج بها في دار الرعاية؟ ألم تغتصب؟ لما لم يتم علاجها نفسياً؟ لما لم يتم التحدث مع عائلتها وإقناعهم بعدم التخلي عنها؟ بل لما لم يتم في ذلك البرنامج توعية الأهل بعدم التخلي عن بناتهن في مثل هذه الظروف؟ لما ركز فقط على أخذ الفتيات العظة والعبرة من قصتها وتجاهل من يقعن ضحايا الإغتصاب.
وماذا لو تعرضت فتاة لإغتصاب جماعي من قبل من واعدته هل سينصفها القضاء, بل ماذا لو لم تواعد أحد ماذا لو أختطفت من قبل سائق وقام بإغتصابها كالحادثة التي نشرت اليوم , ما الحكم القضائي الذي سيصدر على هؤلاء الجناة, هل سيراعي فيه القاضي حجم الضرر النفسي الذي ألحقوه بالضحية لتعرضها للإختطاف أوﻻً والإغتصاب من قبل ثلاثة أشخاص, وماذا لو حصل حمل مالذي سيحصل لها هل سينتهي بها الأمر كذلك في دار الرعاية؟
- وآخر القضايا وأشدها ضرراً على الضحية هي من تغتصب تحت مسمى الزواج. الآ يعتبر تزويج فتاة رغماً عنها إذن منا بقبول إغتصابها بشكل قانوني وبشكل متكرر, وما نفع هذا الزواج بل ما العائلة التي ستساهم في تأسيسها هذه الضحية وكيف ستربي أبنائها تربية سليمة وهي تعاني من إظطرابات نفسية جراء تعرضها للإعتداء الجنسي المتكرر. وماذا لو كانت الضحية قاصر هل سيعاقب من أعتدى عليها أم أن القانون لا يعتبر ما حدث لها عبارة عن جريمة "إغتصاب قاصر" وسيكتفى فقط بنزع ولاية وليها والمطالبة بتطليقها فقط.
وفي الوقت الذي تخفف فيه العقوبة على الجاني الرجل الذي ثبت تورطه في جريمة جنسية كإعتداء أو إغتصاب تبقى من ثبتت عليها جريمة الزنا حبيسة دار الرعاية حتى لو أنها أنهت محكوميتها!ا
أخيراً : كل هذه الإنتهاكات تحدث في بلد شرقي مسلم محافظ ﻻ غربي منحل أخلاقياً.