الحقائق التي استعرضتها الدكتورة غادة هاشم تلحمي في كتابهاThe Mobilization of Muslim Women in Egypt والأبحاث التي قامت بها الدكتورة بثينة شعبان ساهمت في الكشف عن جزء بسيط من صورتنا المغيبة وتحديداً صورة المرأة العربية وكفاحها المهمش. فمثلاً قضية تحرير المرأة ومطالبة النساء العربيات بحقوقهن لم يكن نتيجة لمحاكاتهن حركة تحرير المرأة التي بدئت في أوروبا في أواخر القرن التاسع عشر فالمرأة العربية قد سبقت الأوروبيات في ذلك بسنوات عدة وقد استشهدت الدكتورة غادة تلحمي بأقوال ل المؤرخ الجبرتي الذي تتبع نضال المرأة المصرية أبان الحملة الفرنسية على مصر أي أن المرأة العربية قد بدئت نضالها في أوائل القرن التاسع عشر فكانت المرأة المصرية تحارب ضد جبهتين جبهة الفرنسي المحتل وجبهة الرجل المصري الذي حرمها من حقوقها. وقد أكملت الدكتورة بثينة شعبان ما قامت به الدكتورة غادة وذلك بتتبعها هي الأخرى لحركة تحرير المرأة العربية. تقول الدكتورة بثينة شعبان في إحدى لقائتها أنه "ليس صحيحاً أن تحرر المرأة بدأ في الغرب في الستينات والسبعينات من القرن الماضي فقد أجريتُ بحثاً عن الصحافة النسائية العربية منذ القرن التاسع عشر والقرن العشرين ووجدتُ أن النساء العربيات كان لهنّ مساهمةٌ بالغة في جهود تحرر المرأة في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، تخيلوا أنه قبل بداية الحرب العالمية الأولى في القرن العشرين أصدرت النساء العربيات في العالم العربي خمساً وعشرين مجلةً تعنى بتحرير المرأة. هذه المجلات تمتلكها النساء، تحررها النساء وتوزعها النساء وكان الرجل دائماً إلى جانب المرأة فكلُّ من عملنّ في مجال تحرير المرأة من نظيرة زين الدين إلى هدى شعراوي إلى كل نسائنا كنّ لهنّ أبٌ أو أخٌ أو زوجٌ أو صديقٌ يدعم هذا التوجّه. إذاً إن ما قامت به المرأة من عمل تحرري هو لا شكّ عملٌ ساهم به الرجل إلى حدٍّ كبير ولدينا في أدبنا العربي رواياتٍ ومقالاتٍ وكتبٍ هائلة كتبتها النساء العربيات عن مواضيعٍ شتى حتى عن العلاقة بين الشرق والغرب والتحاور بين الشرق والغرب ففي عام 1892 – أي قبل نهاية القرن التاسع عشر- ذهبت فتاة سورية تجوب الجامعات الأمريكية وتلبس الفستان السوري وتدعو الغرب إلى تحرير نسائه لأن المرأة العربية وجدت نفسها في ذلك الوقت في موقعٍ متقدم بالنسبة لحقوقها. وقبل نهاية القرن التاسع عشر كتبت زينب فواز العاملية رسالةً إلى النساء الأمريكيات اللواتي يعنين بتحرير المرأة واللواتي أصدرنّ قراراً في ذلك الوقت في مؤتمر لهنّ أن عمل المرأة يقتصر على البيت والأطفال فكتبت زينب فوازالعاملية من جبل عامل من جبل لبنان إلى الولايات المتحدة تقول للنساء الأمريكيات أنه يجب أن لا تظلموا المرأة فالمرأة لها دورٌ سياسي ودورٌ اجتماعي ودورٌ علمي ويجب أن لا يقتصر دور المرأة على البيت والمنزل وتربية الأطفال."
هذه المرأة زينب فواز التي خاطبت النساء الأمريكيات هي أول من أسس الرواية العربية لا محمد حسين هيكل وهذا ما كشفته الدكتورة بثينة شعبان في كتابها مائة عام من الرواية النسائية العربية فهيكل كتب روايته زينب في عام 1914م بينما كتبت الروائية اللبنانية زينب فواز روايتها حسن العواقب عام 1899م أي أن 14 عام تفصل ما بين الروايتين وجهل النقاد بهذه الحقيقة يدل على قصور في النقد الأدبي لديهم وتجاهل نضال المرأة العربية وكتاباتها وتغييب هذه الحقائق يدل على رغبة المجتمع العربي في المضي قدماً في تهميشهم ل المرأة.