الرجال الجوف
للشاعر الإنجليزي ت . س . إليوت
ترجمة:
عبد المنعم خليفة خوجلي
I
نحن الرجال الجوف
نحن الرجال المحشوون
المتكئون على بعضهم
مثل حزم ملأي بالقش
:
عندما نهمس سوياً
تنبعث أصواتنا المبحوحة
هادئة وعديمة المعنى
كالريح بين ثنايا العشب الجاف
أو كأرجل فئران على زجاج مكسور ..
ونحن في مخبئنا الموحش
::
أشكال بلا هوية
وظلال بلا ألوان
قوى مشلولة
وإيماءات جامدة
:
عندما يتذكرنا أولئك الذين عبروا بجسارة
إلى مملكة الموت الأخرى
لا يتذكروننا كمفقودين ذوي نفوس جامحة
بل كرجال جوف
كرجال محشوين
***********
II
أعين لا أجرأ أن أراها..
في أحلام مملكة الموت
هذه لا تكاد تبين ..
فالعيون هناك
شعاع من الشمس على عمود مشروخ
شجرة تتمايل
وأصوات مع الريح تغني ..
أصداؤها أكثر بعداً وأكثر تجهماً
من نجم آفل
:
دعني لا أدنو أكثر
من مملكة حلم الفناء
دعوني أرتدي هذه الأقنعة التنكرية المتعمدة
من فراء الفئران وريش البوم ودمى الحقول
أنطلق كالريح …… ولا أدنو أكثر……
ذلك ليس هو آخر اللقاءات
في مملكة الشفق
************
III
هذه الأرض الجرداء
هي أرض الصبار
التي ترتفع فيها الصور الحجرية
ويتلقون فيها أكف الموتى المتوسلة
تحت بريق نجم وشيك الأفول ..
هكذا في مملكة الموت الأخرى
نصحوا وحيدين .. في ساعة نرتجف فيها من الرقة
وشفاه ستُقبِل .. تتمتم بالصلاة على حجر هشيم.
************
IV
العيون ليست هنا..
ليس ثمة عيون هنا...في هذا الوادي
وادي النجوم المحتضرة
الوادي الأجوف
الفك المهشم لمملكتنا المفقودة .
:
في آخر مواقع اللقيا
نتلمس طريقنا سوياً
في صمت مطبق
ونحن مجتمعون على شاطئ هذا النهار الفياض
:
بلا رؤيا .. إلا عندما تعود العيون للظهور
كنجم سرمدي
أو كزهرة وافرة الأوراق
في مملكة شفق الموتى
محط آمال الرجال الجوف وحدهم
************
V
هنا نطوف حول التين الشوكي
"يا أيها التين .. أيها التين"
هنا نطوف حول التين الشوكي
في الخامسة صباحاً عند الفجر
:
ما بين الفكرة والحقيقة
ما بين الحركة والفعل
يقع الظل..
................................لأنك أنت الملكوت
:
ما بين التصور والخلق
ما بين المشاعر والتجارب
يقع الظل..
................................لحياة ذات مدى ممتد ..
:
ما بين الرغبة والتقلص
ما بين الفعالية والوجود ..
ما بين الجوهر والمنبت
يقع الظل..
................................لأنك أنت الملكوت
:
ولأنك أنت الحياة
ولأنك أنت ..
:
هكذا ينتهي الكون
هكذا ينتهي الكون
هكذا ينتهي الكون
ليس بالصيحة المدوية
وإنما بالأنين.
..........................